وتعكس لغة الارقام ملامح الأزمة الاقتصادية التي تعيشها السعودية اليوم، ويشير عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الوضع الاقتصادي المتأزم دفع بالنظام إلى تغطية العجز في الميزانية من خلال اللجوء إلى فرض ضرائب على السلع الغذائية ورفع أسعار المشتقات النفطية والخدمات، بالإضافة إلى اللجوء إلى سياسة الاقتراض والدين العام. يذكر أن الدين الصافي في السعودية يُتوقع أن يصل إلى ما يقارب 19% من الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي، فيما يتوقع أن يصل إلى 27% خلال 2021 وفي حال بقاء أزمة أسعار النفط دون تحسن خلال العامين القادمين يرى عدد من المراقبين أن الاقتراض سوف يكون هو الحل الأسهل للنظام السعودي ويتوقع أن يصل إلى ما يقارب 50% بحلول عام 2022. وتبقى المخاطر كبيرة على مجمل الاقتصاد السعودي خاصة مع إجراءات الأغلاق الناتجة عن انتشار وباء كورونا وإيقاف أي خطط لفتح البلاد أمام الراغبين في أداء مناسك العمرة والحج، وبالتالي فقدان ما يقارب 12 مليار دولار من الإيرادات الناتجة عن دخول 10 مليون زائر إلى السعودية في العام الواحد، وهو ما يمثل نحو 20% من الاقتصاد غير النفطي في البلاد، وتشير التوقعات إلى أن الأكثر تضرراً من الأزمة هي قطاعات السياحة والسفر بالإضافة إلى قطاع النفط وصناعة البتروكيماويات.
تسبب اعتقال الأمير "أحمد بن عبد العزيز" وولي العهد السابق "محمد بن نايف"، أحد أكثر الأسماء الهامة في العائلة المالكة في المملكة العربية السعودية ، علامات استفهام كبيرة لدى الرأي العام. فقد قام الأمير سلمان ولي عهد في المملكة العربية السعودية ، بإصدار أمر اعتقال بحق الأمراء المنافسين المحتملين له. وعززت هذه الاعتقالات، الادعاءات التي تقول أن الأمير محمد بن سلمان يخطط لاستلام حكم المملكة ويخاف من فقدان المنصب. إلى ماذا تهدف هذه الاعتقالات وما هي خطة محمد بن سلمان ؟ وتحدث لصحيفة "يني شفق" حول موضوع الاعتقالات الدكتور "نجم الدين آكار"، رئيس قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة "ماردين أرتوكلو"، وأوضح آكار "أن النظام السياسي السعودي، وعلى عكس النظام الملكي الفردي، يوجد فيه أكثر من عشرة آلاف من سلالة الأسرة الحاكمة وهناك حوالي ثلاثين "سلالة" تقريباً بقيادة الأمراء الأقوياء. وأضاف آكار أنه في هذا النظام كل سلالة من العائلة الحاكمة لديها مجموعة من المصالح المختلفة ولأنه يتم تشبيهها بالأحزاب السياسية فيمكن القول أنها "ديمقراطية الأسرة الحاكمة" حسب قوله. والجدير بالذكر أنه في نظام الحكم في المملكة يتم اختيار ملك البلاد بعد انتخابات بين أعضاء لجنة الولاء أو لجنة البيعة والتي أسستها الأسرة الحاكمة في وقت سابق ويعد "أحمد بن عبد العزيز" ، وولي العهد السابق "محمد بن نايف" ، و"طلال بن عبد العزيز" ، و"متعب بن عبد الله" ، من أهم الأسماء القيادية في الأسرة الحاكمة وهم أعضاء في لجنة البيعة ويذكر أنهم معارضون لسياسية الأمير "محمد بن سلمان" في البلاد".
"هل ستمنع معارضة أعضاء الأسرة الحاكمة محمد بن سلمان من الوصول إلى الحكم ؟" وأجاب آكار عن هذا السؤال:"هنالك حادثة مماثلة في تاريخ المملكة العربية السعودية حصلت، وذلك بعد وفاة الملك "عبد العزيز" وانتقال الحكم إلى "سعود بن عبد العزيز" والذي تم وصفه بأنه شخصية غير كفء لهذا المنصب آنذاك. فقامت الجهات الفاعلة في النظام السياسي السعودي بالتعاون مع أعضاء الأسرة الحاكمة، والتي كانت ترى أن "سعود" قد أظهر ضعفًا إداريًا وهو غير كفء لحكم البلاد فعزلوه من منصبه عام ١٩٦٤ وتم تسليم الحكم وقتها للملك "فيصل بن عبد العزيز". ويرى آكار أن الأمر الرئيسي هنا هو حجم المشاكل التي تواجهها المملكة هذه الفترة من انخفاض حاد في الاقتصاد وحالة عدم الاستقرار الداخلية. وأكمل آكار حديثه أنه من غير المعروف ما إذا كان سيعيد التاريخ نفسه وسيُعزل محمد بن سلمان، ولكن يجب أن يكون معروفًا للناس أن محمد بن سلمان مدعومٌ من قبل الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي وبشكل كبير وذلك حسب ماصرح به آكار. ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أن السلطات السعودية اعتقلت الأميرين "أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف"، واللذان يعدان من أبرز شخصيات العائلة الحاكمة، وكانا مؤهلين للصعود إلى سدة الحكم.