أما في ما يخص الجانب الديني والأخلاقي، فهناك نفر غير قليل من الأئمة وعلماء الدين يرى أن عمليات الاستمطار لا تجوز شرعا، استنادا إلى أن تسريع هطول المطر أو إرغام الغيوم على إنزال الغيث في منطقة معينة واستنفاد حمولتها من الماء الكامن فيها قد يؤدي إلى حرمان مناطق ثانية منها، وهي قد تكون أحوج إليها. وهناك فريق آخر يرى أنه لا بأس ولا مانع من الاستمطار ما دام لا يوجد ضرر منه، وإن كان الأولى عدمه، خاصة في حالة عدم التحقق من فائدته أو التيقن من مردوده ونتيجته. " هناك ما يقرب من أربعين دولة على مستوى العالم تطبق عملية الاستمطار وبذر السحب من أجل تعديل الطقس أو تحسين مواردها المائية " الاستمطار عربيا تعود جذور تطبيق عملية الاستمطار إلى عام 1947، حين قامت منظمة الكومنولث للأبحاث العلمية والصناعية في أستراليا بتنفيذ أول تجربة ناجحة لاستمطار السحب، وتطورت التقنيات الخاصة بها وتحسنت نتائجها بشكل ملموس منذ ذلك الحين، مما أدى إلى التوسع في استخدامها وتطبيقها عالميا، حيث تعد أستراليا و الولايات المتحدة الأميركية من الدول الرائدة في هذا المجال. وفي الوقت الحاضر هناك ما يقرب من أربعين دولة إضافية على مستوى العالم تطبق عملية الاستمطار وبذر السحب من أجل تعديل الطقس أو تحسين مواردها المائية، ومن أبرز هذه الدول الصين و روسيا و تايلند.
د. وحيد محم د مفضل * يمثل شح المياه والجفاف مشكلة كبيرة ومؤرقة لكثير من البلدان، خاصة تلك الواقعة في المناطق الجافة والقاحلة، التي يتميز فيها الطقس بارتفاع درجة الحرارة وشدة القيظ. ولقد أسهم انخفاض نسبة الأمطار وتزايد موجات الجفاف في الآونة الأخيرة في تفاقم حدة هذه المشكلة وزيادة معاناة الشعوب، وجملة من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية السلبية الناتجة عنها؛ لذا وانطلاقا من دور البحث العلمي في تحقيق الرفاهية البشرية وحل المشكلات الطارئة والمزمنة أيا كان نوعها، فقد كان لزاما على العلم والعلماء التدخل من أجل إيجاد حل، ولو مؤقتا لهذه المشكلة المؤرقة. ومن الحلول المطروحة بقوة حاليا لعلاج قلة نسبة الإمطار وحدة الجفاف عموما، استمطار السحب صناعيا وحفزها على إسقاط محتواها من بخار الماء والمياه الكامنة فيها. ولقد بدأ بالفعل تطبيق هذا النهج في أكثر من دولة عربية، خاصة السعودية و الإمارات و عُمان و المغرب ، وأخيرا الأردن ، التي تعد ثالث أفقر دولة في العالم من حيث حصة الفرد من المياه. وحققت التجارب والمحاولات التي تمت في هذه الدول وغيرها نسب نجاح متفاوتة، لكن الثابت أن اللجوء لتقنيات الاستمطار لم يعد الآن ترفا أو خيارا، خاصة في ظل تداعي المشكلات الناتجة عن تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وتكرار موجات الجفاف وزيادة حدتها بشكل ملفت خلال العقدين الأخيرين. "
________________ * باحث وكاتب علمي حاصل على الدكتوراه في الدراسات البيئية (مصر)